المقالات

بلدي.. بلد العجايب

بلدي.. بلد العجايب

 

كتب مهاب حسن

 

على رأي أحد الأغاني القائلة (يا بلد معاندة نفسها… يا كل حاجة وعكسها… إزاي وانا صبري انتهى لسه بشوف فيكي امل)

 

طبعاً لابد أن يكون عندنا جميعا امل، فعندما كان أجدادنا في بلاد كثيرة يعيشون بالكهوف كان المصريون يكتبون ويقرأون ويغزلون القطن ويحولون المعادن إلى تحف فنية ويمارسون الطب والهندسة ويدرسون الفلك، إن مصر كانت دائماً قبلة للسائحين، منذ عام 450 قبل الميلاد عندما كتب هيرودوت اليوناني: (ليس هناك أي بلد في العالم يمتلك هذا القدر من العجائب، وهذا العدد من الأعمال التي تفوق الوصف).

 

فعندما تقوم برحلة نيلية في جو النيل الهادئ والمياه الزرقاء الجميلة التي حملت النبي موسى طفلاً هرباً من الفرعون مع السماء الصافية التي تبهر أي سائح، أو تذهب إلي آثار مصر القديمة وتاريخها الموجود داخل المتاحف والمعابد، ثم تجد في شوارع مصر الصاخبة شديدة الزحام من مرور وأناس لا يجدون ملجأ لهم علي الأرصفة والطرقات، وتتجول داخل الأزقة والحارات بدون إشارات توضح الاتجاهات، وتشاهد السائقون الذين يستخدمون أساليب بهلوانية في السير في جميع شوارع مصر، وتلاحظ المشاة ومنهم تلاميذ المدارس يعبرون الطريق متجمعين في مجموعات مع تشبيك أياديهم لإجبار السيارات على التوقف. وتقرأ من جهة أخري أن شابا يقتل فتاه بسبب الحب الشديد ويتمني أن يدفن بجوارها

 

هنا تعرف إن مصرلا تتوقف عن إدهاش العالم سواء بآثار جديدة تكتشف كل يوم، أو طرق جديده وكباري وأنفاق تجعلنا نتحرك من شرقها إلى غربها في ساعات معدودة أو مشاريع تنموية وزراعات ومباني لا حصر لها، ولا يزال العلماء المصرين يكتشفون ويصنعون الجديد كل يوم، لذلك نجد حالة من التفاؤل الكبير لتؤكد أن المستقبل القادم سيكون أفضل، وأن هناك أفاق واسعه للتعاون والشراكة بين مختلف القوى السياسية في مصر من أجل مستقبل أفضل للجميع.

 

ونحن دائما نشعر بمشاعر الرضا والانتماء معاً لهذا الوطن وبعض من أهله الذين يعلمون قيمة التوقيت ويدركون دورهم في البناء ويسعون لترك إنجاز وراءهم أياً ما كانت التحديات. فتلتقي بالعامل الذي يصافح الوزير ضاحكاً معه مؤكداً أنه كان يعمل في أحد الدول العربية أو الأجنبية بضعف راتبه في المشروع الجديد الذي يقام داخل مصر ولكنه ترك المال وجاء ليعمل في بلاده.

 

وتسمع المهندس الذي تلقى عرضاً بأضعاف الراتب أثناء عمله في المشروع فرفض السفر ليبقى في مصر. ويدهشك الشاب الصغير الذي يحكى لك كيف تقدم للعمل عقب حصوله على شهادته في الهندسة ثلاث مرات دون يأس حتى وجد له مكاناً في هذا المشروع الضخم. تسمع وترى الحكايات التي تؤكد لك أن في مصر من يمنح عمره في صمت لكي تحيا مصر دائما.

 

كما تجد عددا كبيرا من الشباب وكبار السن ممن لهم خبرات في مجالات شتي في أجواء شديدة الحرارة أو البرودة صباحا ومساء، بينما هم راضون سعداء يعملون في هدوء بعيداً عن ضجيج النخب والإعلام والنشطاء وأصحاب المصلحة، هؤلاء لابد أن ننحني لهم داعين الله أن يزيدهم قوة وصلاحاً

 

وفى نفس الوقت تجد شباب مُضلل بالمعلومة وغائب عن الوعي ومُصر على عدم الفهم مدفوعاً بإعلام لا يعرف إلا لغة الإعلان والمال والمصالح، كما تجد رموز ما أنزل الله بها من سلطان تلتحف رداء الوطنية أو التدين وبينهما أصحاب مصالح وتجار دنيا ودين لا يعرفون للوطن قيمة ولا يؤمنون به أرضاً وسنداً. باتوا جميعاً أداة جديدة لتغييب الذاكرة التي يسعى لها من خرج من بلده يوماً مقهوراً مذموماً. غير عابئين بما نتعرض له عمداً أو جهلاً ليزيدوا من انقسام وطن لا يملك رفاهية الوقت ولا ثروة البناء الساعين له. تتعجب من غياب الإنصات للمعلومات وتندهش من القدرة على السباب حتى بالأعراض وتتساءل بحزن وأنت لهم ناظر: متى تخلص بصائرهم ومتى يدركون ما نحن فيه من خير وتقدم وامن وامان؟

 

فنحن كمصريين نتميز دايما في مواقفنا وحكايتنا واغلب كلامنا، بالكلمة وعكسها، تقريبًا احنا كل حاجة وعكسها بس ده عمره ما يمنع اننا شعب دم خفيف وابن نكتة. وبيحب ربه ودينه و بيشتغل بجد لبناء بلده لتحيا مصر دائما وابدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى