المقالات

التواصل بين البشر.. قصة البريد منذ البداية

متابعة شيماء حبشى
منذ بداية البدايات، والتواصل همّ مشترك بين كل البشرية ، فمن الرسائل التي كانت تكتب على رأس العبيد إلى الحمام الزاجل، وحتى الرسائل التي كانت تكتب على جلود الحيوانات وتختم بالشمع الأحمر ، وترسل مع فارس على جواده .. والمراسلات لا تنقطع عبر هذا الكوكب

فكيف تطورّ نظام البريد؟؟

نظام البريد نظام قديم .. عرف في مصر القديمة وفي بلاد الرافدين منذ حوالي 2000 عام قبل الميلاد ، وكانت الصين في عهد أسرة تشو ؛ أول من عرف نظام محطات البريد منذ حوالي 1122 ق م

وتطوّر نظام البريد عبر العصور ، وسخر العبيد ليكونوا عمالاً وسعاة لنقل الرسائل ، وتبنى الرومان التنظيم البريدي فوضعوا نظام « الطرق العامة » فأنشئوا محطات بريد على مسافات مناسبة على طول الطرق العامة ، ويعد هذا النظام أفضل نظام بريدي متطور في العالم القديم

وأدى سقوط الإمبراطورية الرومانية إلى إهمال نظام « الطرق العامة » وخرابها وتخريب محطات البريد ، ولم تتمكن أوروبا من إعادة تنظيم البريد فيها إلا بعد ذلك بستة قرون

بعد أن اتسعت المدن وازدهرت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، صار للمدن الكبيرة خدمات بريدية تعمل وفق أنظمة محلية تحدّد حقوق العاملين فيها وواجباتهم والتعريفة التي يتقاضونها وأوقات السفر ، وكان لسعاة كل مدينة لباسهم ومظهرهم الخاص وشارات مميزة يحملونها

ومع نمو التجارة الدولية والمراسلات التجارية بين رجال الأعمال ؛ تطوّرت تلك الخدمات وظهرت شبكات متعددة للاتصالات البريدية بين جمعيات التجار في أوروبا عامة وفي ألمانيا خاصة

وكانت المؤسسات التجارية الإيطالية السباقة إلى إقامة بريد منتظم في تلك الحقبة ، وخاصة بين المراكز التجارية في فلورنسا وجنوة ، كذلك يرجع الفضل إلى الإيطاليين ، وخاصة مدينة البندقية ، في تنظيم الاتصالات البريدية مع الدول الأخرى خارج أوروبا ، فكان لهم بريد منتظم مع إسطنبول ومع الصفويين ملوك فارس الذين منحوا سعاة البريد حرية المرور على أراضيهم

وفي القرن الخامس عشر ، مع انتشار الطباعة ؛ قامت الحكومات المحلية بتنظيم الخدمات البريدية بإشرافها بعد أن ثبت لها ما تجنيه من فوائد وما تحققه من أرباح ، فمنحت بعض المؤسسات المتخصصة بنقل الرسائل امتيازات لنقل البريد الرسمي مثل مؤسسة أسرة « ثورن وتاكسي » الإيطالية التي حازت الشهرة حين توّلت سنة 1512 م ، تنظيم شبكة مكثفة من طرق البريد تربط أطراف إمبراطورية آل هابسبورغ غربي أوروبا ووسطها

وقد تطوّرت هذه المنظومة وانتشرت فروعها في القرن السادس عشر حتى شملت كل أوروبا ، وكان شعار هذه المؤسسة البوق الملفوف الذي أصبح شعار أكثر خدمات البريد في العالم

ظهرت في فرنسا سنة 1477 خدمة البريد الملكية ، ولم تكن تلك الخدمة معنية بمراسلات عامة الناس ، إلا أن الأمن الذي توافر على الطرق الرئيسية بوجودها شجع على ازدياد نشاط المراسلين غير الرسميين ، وأدركت فرنسا ميزة هذا النشاط، فأسبغت عليه الصفة الشرعية منذ مطلع القرن السادس عشر

خدمات البريد العامة لم تأخذ مكانتها الفعلية فيها إلا عام 1627 ، عندما حدّدت التعريفة المالية لهذه الخدمات ووضعت لها جداول زمنية وأسست مكاتب للبريد في المدن الكبيرة

ففي إنجلترا استحدث هنري الثامن سنة 1516، منصب « رئيس البريد » للإشراف على خدمات البريد المنتظمة على كل الطرق الخارجة من لندن

وفي عام 1635، صدر أمر ملكي بمنح ترخيص باستحداث خدمة بريد عامة منفصلة لأحد تجار لندن

في ديسمبر عام 1837، نشر مدير البريد البريطاني السير « رولاند هيل » كتيباً بعنوان إصلاحات البريد .. أهميتها وقابليتها للتطبيق

وقد اقترح تخفيض الرسوم البريدية إلى الحد الأدنى ، بالإضافة إلى اقتراحه نظاماً جديداً لجباية الرسوم لقاء الخدمات البريدية ، وذلك بأن يقوم المرسل بشراء « صورة صغيرة » ويلصقها على ظهر رسالته

وأثارت الفكرة الجديدة نقاشاً حاداً في البرلمان البريطاني ، فكان من يؤيدها والآخر يرفضها بحجة أنها فكرة لا معنى لها ووسيلة لتشويه وتلطيخ الخطابات

إلا أن البرلمان البريطاني وافق في النهاية على هذه الفكرة وتقرّر طبع الصورة الصغيرة، وأطلق عليها اسم طابع

أُصدر أول طابع بريدي في إنجلترا بتاريخ 6 مايو 1840، وهو يحمل صورة الملكة فيكتوريا، وقد صدرت طبعتان من هذا الطابع إحداها باللون الأسود والأخرى باللون الأزرق

ثم كانت الولايات المتحدة الأميركية ثاني دولة في العالم، أصدرت طابعاً في نيويورك عام 1842، يحمل صورة رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج واشنطن

ثم تبعتها كل من مقاطعتي جنيف وزيوريخ في سويسرا، ثم البرازيل عام 1843

وفي أول يناير 1849، أصدرت فرنسا طابعاً يحمل الشكل الرمزي الدال على الحرية، وقد استبدلت بهذا الشكل عام 1852 صورة الأمير لويس نابليون بونابرت

وصدر أول طابع في مصر عام 1866 في عهد الحكومة الخديوية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى