المقالات

امجد المصرى يكتب وداعًا يا (عمده)

وداعًا يا (عمده)
بقلم : أمجد المصرى .

ومازالت روائح الزمن الجميل تختفي من حياتنا برحيل المبدعين من أبناء جيل العمالقة، رحل عمدة الدراما المصرية صلاح السعدني وسط حالة من الحزن والشجن أصابت كل من عرفوه ومن تابعوا أعماله التليفزيونية خلال فترات الزخم الإبداعي التى لم تتكرر .

فى الثمانينات والتسعينات كان الموعد ، فلن ينسي أبناء جيل الشيوخ وجيل الوسط روعة أداء السعدني فى تجسيد شخصيات ما زالت عالقة بأذهاننا حتى اليوم وفى مقدمتها شخصية حسن اربيسك، والعمده سليمان غانم، وغيرها كثير من تلك الأعمال التى شكلت جزء من وجدان الشعب المصرى عندما كانت الدراما تمثل حقًا قوه ناعمه لها الأثر والبصمة الواضحه على حياة الناس وأفكارهم .

رحل السعدني ولكن بقيت أعماله وسيرته الطيبه بين الناس، ليترك لنا ولكل الفنانيين الجدد رسالة واضحه وهى أن الفن هواية وإبداع وليس مهنة للرزق فقط، وأن البقاء دائمًا لمن يقدم قيمة راقية تعيش عشرات السنين، هؤلاء لا ينساهم الناس وإن رحلوا بأجسادهم فالأثر يدوم مادام المبدع قد أتقن عمله وقدم ما يحترم عقول الناس وقيم المجتمع بشكل جذاب مغلف بالموهبة التى يهبها الله لمن يشاء .

على درب الكبار شق الشاب الموهوب إبن محافظة المنوفية طريقة بصعوبة ومشقه بعد أن عشق الفن والتمثيل خلال دراسته بكلية الزراعه، لينطلق بعدها إلى براح الإبداع خاصة مع ظهور التليفزيون المصرى في ستينيات القرن الماضى ، شاب عشريني نحيف بملامح بريئة ولهجة ريفيه يجتهد مع السنوات ويكتسب الخبرات حتى يصبح نجم درامي لا مثيل له ليحفر إسمه في سجلات وذاكرة المسرح والاذاعة والتليفزيون والسينما بعشرات الأعمال المتنوعة التى لا تخلو جميعها من وجود نكهه ومذاق فريد تميز به السعدني دائمًا طوال مشوار امتد لنصف قرن وأكثر من (٢٠٠) عمل فني للجمهور العربي .

لم تخلو حياة الفنان الراحل من بعض الآراء والمواقف السياسية التى دفع ثمنها فى عهود سابقه, ولكنه ظل دائمًا صاحب رأى وفكر خاصة وهو الشقيق الأصغر للكاتب الساخر محمود السعدني الذى عاش معه أغلب فترات حياته وكان له أثر كبير فى تشكيل وجدانه الثقافى . رحم الله فقيد الفن العربي وليبقى حاضرًا دائمًا بأعماله، فالقيمة لا تزول … فقط تفني الأجساد ولكن يبقى الأثر .
إنا لله وإنا إليه راجعون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى