المقالات

كي تكون شخص إنتقائي


كتبت : الكاتبة الاعلامية المغربية سامية لحرش
متابعة د.عبدالله مباشر رومانيا

كم هو جميل حين تشعر أنك شخص إنتقائي جدا! لك معايير خاصة في كل تفصيل في حياتك!
إن ما يثيرني حقا، كيف يمكنك الاحتفاظ بهذا الدفاع عن معاييرك الصعبة في مجتمع كهذا!
ألايفقد المرء معاييره مع الوقت!؟ ألا يتنازل ويعتاد لفكرة عدم قدرته على احتيازها أو تحصيلها!
كل ما سبق كان سؤال إحدا صديقاتي. حينها خطر لي الكثير من الصور التي أراها حولي، من أشخاص تروضهم الحياة وتفرض نفسها عليهم ليكونوا في النهاية مضطرين لأن يجدوا أنفسهم قد تحولوا كليا لأشخاص آخرين، أو على الأقل أغلفة لأشخاص آخرين لا يمتون لحقيقتهم بصلة!
أما عني، فالذي يجعل الأمر مختلفا، أن معاييري كلها مرنة، رغم كوني انتقائية جدا، لكن انتقائي لا يفرض نفسه على الدنيا، لا يجعلني أقف معاندة أمام القدر بصورة غبية! إنني أنتقائية للمعنى والجوهر!
على سبيل المثال يمكنني ببساطة حين يتعلق الانتقاء بالأفراد، أن أرافق شخصا مسيحيا، مسلما، أن أناقش وأحاور وأن أعيش أيضاً برفقتهم بكل بساطة مادام الجوهر الذي انتقيه وأراهن عليه حاضرا لكن دون أن أغير أو تتأثر مبادئي، بالمقابل أعرف جيدا كيف أجعل كل الذين لا أقبل وجودهم حولي يختارون بمحض إرادتهم الفرار من كل مجلس أنا فيه، دون أن أفرض حكمي عليهم، ودون أن أكون مضطرة للتصرف بقسوة وعناد، وهذا يجعلني قادرة على ممارسة انتقائي بصورة كاملة وهذا أمر ليس بالسهل للكثير من الناس!
وعندما يتعلق الأمر بالظروف، فبالتأكيد لا أحد منا قادر على رسم ظروفه، لكن الشخص الانتقائي ، يمكنه بقوة أن يعاني أقسى معاناة مقابل أن يعيش ظرفا من انتقائه، ثم يتباها بكون هذه الظروف هي جزء من اختياره، لا يأبه بالقطيع، ولا بمعايير العالم، ولا يبصر أي شخص أو ظرف كمعكر لصفو ظرفه، ببساطة لأنه أختار ما يراه صوابا بعيدا عن الهوى، فإن كان أمامه سيسلكه دون أدنى تأثير من مغريات الطريق!
ومن هنا أضرب مثالا هاما للبنوك مقابل عدم احتيازك على ما تود احتيازه!
الحياة لا تضطرك، ضعفك هو الذي اضطرك
ليست الظروف التي أجبرتك، بل هوى نفسك وانسياب حدودك الذي أودى بك لتحلل ما حرمه الله بكل بساطة!

وختاما…
فالطريقة التي تجد نفسك مجبرا على أن تكون جزءا منها، هي طريقة تفرض على كل قليل حيلة، لا يعرف أمره كله بيد الله،المرض الرزق والموت لا أحد يبسط ولا يقبض سواه، فيرهن نفسه بخوفه، وضعفه وجبنه، ليكون أسيراً لصيغة ما، بينما أستطيع وقد امتلكت ذاك اليقين أن أتحرر من كل صيغة يحاول أحدهم فرضها، لأكون فقط محكومة بالصيغة التي فرضها الله علي، فأكون في أشد انضباطي بها، ضمن صيغة أنا انتقيتها، تحت أمر إله أنا أرتضيه لي، ثم أكثر الناس قدرة على التحرر من آلاف الصيغ المصطنعة التي لا مفر لأربع أرباع مجتمعاتنا تنتمي لها!
كي تكون انتقائيا، عن إدراك وعلم ودراية،والأهم عن إيمان بالله
يجعلك شخصا لا يمكن لشيء في هذه الدنيا أن يؤثر على انتقائه!
لأننا ببساطة كمسلمين فنحن أهل الرباط على الصواب، وعلى الثبات وعلى المبدأ وكذلك المواقف..
وقد خلق الانسياب لكل ضعيف لا قوة في موقفه، ولا عزة نفسه، ولا كرامة ذاته!

سامية لحرش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى