المقالات

التريند والدوامة النفسية

التريند والدوامة النفسية

 

بقلم/ عصام الجميل

 

في عالم اليوم، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحنا جميعًا نعيش داخل “قرية صغيرة” تضج بتفاصيل ينقلها لنا هاتفنا المحمول الذي صار جزءًا أساسيًا من حياتنا وذلك كله عبر ضغطه زر.

 

ومع هذا الانفتاح، تزايد السعي وراء الشهرة والتباهي والرغبة في تحقيق أرباح سريعة خاصة مع انتشار تطبيقات مثل “تيك توك”، حيث أصبح الهدف هو صناعة محتوى ” ترند” دون النظر إلي ما يقدمه هذا المحتوي من قيم ومبادئ ترتقي بالمجتمع وللأسف، الكثير من التريندات المثيرة للجدل تنتشر بسرعة هائلة، رغم ما تحمله في طياتها من أفكارًا خاطئة ومعلومات مضللة،

والأخطر أن مَن يلهث وراءها سواء من صُناعها أو متابعيها يعاني غالبًا من ضغوط ومشكلات نفسية، فقد خلقت هذه الدوامة حالة من المقارنة المستمرة بين الأفراد، وأورثت شعورًا بالنقص، وعدم الرضا، واحتقار الذات، مما أثّر سلبًا على الصحة النفسية والشعور بالأمان الداخلي.

أصبحت الحياة تُقاس بعدد “الإعجابات”، بينما تضيع الهوية الحقيقية في زحام الصور والفلاتر والابتسامات المصطنعة.

 

إن المجتمع يحتاج أن يواجه نفسه بصدق وشجاعة، أن يترك شاشات الهواتف قليلًا، ويبحث عن سلامه الداخلي ووجوده الحقيقي، بعيدًا عن وهم “أنا موجود… أنا معروف”. فالخطر أن نفقد شخصياتنا الأصيلة، أو نخفي ميولنا الحقيقية من أجل التكيف مع الآخرين، لنجد أنفسنا في النهاية أسرى الكبت والصمت الداخلي.

 

إذا أردت أن تقدم محتوى، فليكن هادفًا يحمل رسالة تنفع الناس علم، فكر، ندوة، صالون ثقافي، أو تجربة شخصية مُلهمة، انتقِ عناوينك وضيوفك بعناية، وابحث عن القيمة ، والرسالة ، وعن الجوهر فيما تقدم.

 

فالنجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين، بل بمدى تأثيرك الإيجابي. ومهما كان الأمر، ستظل تجارة التريند قائمة، لكن علينا أن نستفيق قبل أن تتحول القيمة نفسها إلى مجرد سلعة تُباع وتشترى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى