المقالات

حين يتحول البيت لساحة صراع: كيف يدمر العنف مستقبل أبنائنا؟

حين يتحول البيت لساحة صراع: كيف يدمر العنف مستقبل أبنائنا؟

بقلم: سهى خيري – معالج نفسي وأسري

 

في كثير من البيوت، قد يحدث العنف تجاه الأبناء تحت شعار: “نربيهم ونقوّيهم”. لكن الحقيقة النفسية التي ربما يغفلها البعض هي أن العنف ليس وسيلة للتربية، بل أداة لهدم شخصية الطفل ومستقبله.

 

العنف ضد الأبناء لا يقتصر على الضرب فقط، بل يشمل الصراخ، الإهانات، التهديد، الإذلال، أو حتى التجاهل العاطفي. وكل شكل من هذه الأشكال يترك وراءه ندوبًا قد لا تُرى بالعين، لكنها تترسخ بعمق داخل نفسية الطفل.

 

النتائج النفسية والاجتماعية التي تترتب على العنف ضد الأبناء:

 

1. ضعف الثقة بالنفس والشعور بالدونية:

الطفل الذي يتعرض للعنف ينشأ وهو يحمل رسالة داخلية تقول له: “أنت غير مهم، أنت سيئ”. ومع تكرار هذه الرسالة، تبدأ شخصيته في الانطفاء.

 

2. اضطرابات القلق والاكتئاب:

تشير الدراسات النفسية إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق بين من تعرضوا للعنف الأسري في طفولتهم، وقد تستمر هذه الاضطرابات معهم حتى مرحلة البلوغ.

 

3. ميول عدوانية تجاه الآخرين:

في محاولة لتعويض الضعف الداخلي، قد يتحول الطفل المعنَّف إلى شخص عنيف مع زملائه أو أصدقائه أو حتى مع أسرته لاحقًا.

 

4. مشاكل في التحصيل الدراسي:

البيئة المشحونة بالخوف والتوتر تمنع الطفل من التركيز والتعلم، مما يؤثر على مستواه الدراسي ويحد من طموحاته.

 

5. علاقات اجتماعية غير مستقرة:

قد يجد الطفل صعوبة في تكوين علاقات صحية، إما بسبب الخوف المفرط أو لعدم قدرته على التعبير عن نفسه بشكل سليم.

 

ماذا نفعل؟

 

التربية السليمة تعتمد على الحزم مع الرحمة، والتعليم مع الاحتواء. البديل عن العنف هو التواصل الإيجابي، تقبل مشاعر الطفل، وضع الحدود بشكل واضح دون إذلال.

 

ولا يخجل أي أب أو أم من طلب مساعدة متخصصة عند الحاجة. فاستشارة معالج نفسي ليست ضعفًا، بل خطوة ناضجة تحمي الأبناء من آثار قد تظل تلاحقهم مدى الحياة.

 

رسالة أخيرة:

العنف لا يبني طفلًا قويًا، بل يكسر روحه. دعوا بيوتكم ملاذًا آمنًا لا ساحة صراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى