المقالات

للذات المتضخمة وجوه كتيرة

للذات المتضخمة وجوه كتيرة

 

بقلم/رانيا ابوالعلا 

نستكمل حديثنا، والجزء الثاني عن الشخص الدرامي السام واضطراب الشخصية النرجسية.

 

يتصف الشخص النرجسي بأنه سريع الغضب، لا يحب النقد، متسلط، وهدفه القهر والذل لمن يستطيع السيطرة عليهم. يعشق التحكم، فهو من يحدد نوع اللبس، والأكل، والشرب، وحتى في شراء الأشياء الجديدة، يكون هو المتحكم والمسيطر. لا يأخذ رأي شريك الحياة، ولا يعرف التعاطف، فهو خاوي من المشاعر، مجرد هيكل به روح لكن بلا إحساس. لا يعرف السعادة أو الحزن إلا متصنعًا.

 

ويحيا النرجسي على استفزاز من حوله، ويستمتع بذلك. يدمن مشاهدة الإباحيات، ويحب أن يتحدث في أعراض الناس، خاصة من اكتشفوا حقيقته، كوسيلة هجومية منه للدفاع عن نفسه، مدعيًا أن من حوله سيئون، وأنه الأفضل دائمًا. يحب أن يظهر بمظهر الإنسان الخلوق، الخيّر، الهادئ، قليل الكلام، كما هو حال النرجسي الخفي.

 

ومن وسائل عقابه هو “الصمت العقابي”، وكما ذكرنا، فهو شخصية درامية وتحب الدراما، فيتصيد الأخطاء، وإن لم يجدها يفتعل المشاكل مع ضحاياه. يشعرهم بالذنب، ويدخل في مرحلة الصمت العقابي، ويتجنبهم، وينظر إليهم بنظرات مخيفة، ويتعامل معهم بازدراء. يظل في هذا العقاب أيامًا، أو شهورًا، وربما سنوات، ليشعر بأهميته، ولأن ذاته متضخمة، فعلى الضحية أن تأتي لتقدم له كل فروض الولاء والطاعة حتى يصفح عنها.

 

ويكون في قمة الاستمتاع عند افتعال مشهد درامي في المناسبات العائلية أو الأعياد، لأن ذاته المتضخمة لابد أن تكون محط اهتمام الجميع دائمًا. ليس من حق أحد أن يستمتع أو يشعر بالسعادة، لأن كل من حوله مسخّر لخدمته فقط، ولتمويله النرجسي. ويكون في سعادة عارمة عندما يكون سببًا في تدمير أشخاص نفسيًا، أو خراب بيوت. إنه شيطان في صورة إنسان، وهو حقًا ما ينطبق عليه قول الله تعالى: “في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا.”

 

هذا الكائن لا يتمنى الخير حتى لأولاده، ويعمل دائمًا على بث سُمومه فيهم ليصبحوا نرجسيين مثله. لا يحب نجاحهم ليبقى هو الأفضل. قد يمتنع عن المصاريف الدراسية لإفشالهم، وتحفيزهم للنزول إلى العمل لجلب المال، بحجة الاعتماد على النفس، ليخلق منهم “رجالًا”. مع العلم أنه شخص شحيح وبخيل مع زوجته وأولاده، ماديا ومعنويا.

 

فإن كان الزوج أو الزوجة أحد ضحايا النرجسي، فعليهم الهروب بأبنائهم من هذه العلاقة السامة المؤذية.

 

وقد يكون النرجسي سببًا في إصابة ضحيته بأمراض كالغدة الدرقية، أو القولون العصبي، أو ضعف جهاز المناعة، والعديد من الأمراض النفس جسدية الأخرى. حفظكم الله ورعاكم.

 

وعندما تساءل بعض الأشخاص، ممن وقعوا في علاقات سامة مع نرجسيين: “أين الله من أذى النرجسي؟”، أجاب أحد أطباء الأمراض النفسية والعصبية قائلاً: إن الله ينتقم منهم في الدنيا قبل الآخرة، وتكون آخرتهم مأساوية.

 

سبحان الله، إن الله بصير بالعباد، ويمهل ولا يهمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى