الحضارة المصرية القديمة والعروبة وفاق أم شقاق؟ الجزء الأول
كتب: محمد الشويخ
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة صفحات ومجاميع وقنوات وكم هائل من الميديا المسموعة والمرئية والمكتوبة تحمل اسم كمت (أحد أسماء مصرنا الغالية) وتنويعات عديدة منه مثل الكمتين وأبناء كمت، حراس كمت ….. الخ ولقد اتضح ان التشبث بكمت ومشتقاتها ما هو الا رغبة ملحة في نبذ اسم مصر الذي كان معروفا في كل بلاد المشرق منذ الاف السنين
ومساله عروبة مصر مسألة قديمة النقاش والبحث وقد تبنتاها المعاهد والمدراس والجامعات وتناولها الأكاديميين باليقين والايمان التام في فترة المد الناصري ثم انحسرت وبدات الدعوات لاستبدال القومية بالوطنية او الإقليمي بالمحلى منذ السبعينات والثمانيات والتسعينات وتعاظمت منذ الالفية وبلغت ذروتها بعد ازمة ما يعرف بالربيع العربي في بلدان الشرق مما يدل على ارتباطها بتوجيه او دغم خارجي حيث كان التوجه العام لكل البلدان العربية بعد تلك الاحداث هو الانشغال بمشاكلها وازماتها الداخلية وانحصار الاهتمام بالشئون القومية المشتركة.
والمتأمل لتاريخ مصر القديمة يجد ان صلات مصر بالعرب لم تنقطع منذ فجر التاريخ فلدينا من الأدلة على قدوم السكان الأوائل لمصر اما من شبة جزيرة سيناء الى الدلتا مكونين المملكة الشمالية او من طريق البحر الأحمر الى فقط حيث تشكلت اول نواة تجمع بشرى في الصعيد منشأه المملكة الجنوبية (فقط = قبط) ثم جري توحيد المملكتين ودمج العنصر الشمالي والجنوبي على يد الملك مينا.
ولا تقتصر الصلات التاريخية على الهجرات الأولى، بل ان المتأمل للغة الهيروغليفية في كلماتها ونحوها وصرفها واشتقاقها يجد بينها وبين العربية صلات وثيقة وقربي حتى نكاد نحكم عليهما انهما اشتقاق من فرع وجذع واحد.
بالإضافة الى تلك الدلائل السابقة مئات الشواهد المعمارية والفنية وعادات الدفن والعادات الاجتماعية فضلا عن العلاقات التجارية التي لم تنقطع عبر سلسلة مواني البحر الأحمر من القلزم شمالا حتى برنيس جنوبا.
ان عروبة مصر واعتبار الحضارة المصرية جزءا من محطيها واقليمها الذي تنتمي اليه وتأثرت به واثرت فيه عبر الاف السنين هو إضافة وعزة وقوة لمصر وتاريخها لا انتقاص وتقليل وهضم لها، كان الهدف الرئيسي لحكام مصر الأقوياء في العهد المصري القديم مد نفوذهم الى مجال تأثير مصر الطبيعي وهو الفرات والجزيرة شرقا واليمن جنوبا وهو نفس المسار الذي اتخذه الحكام المصريون في عهد المماليك ومحمد على وجمال عبد الناصر لوعيهم بمفهوم الامن الإقليمي لمصر الذي يضم الوطن العربي بأكمله.
ستظل عروبة مصر حقيقة مطلقة
