مناسبات

عيد النيروز .. أقدم عيد لأقدم تقويم لأقدم أمة في التاريخ

متابعه/غادة إبراهيم

يبدأ اليوم الأول من شهر توت (الحادي عشر من سبتمبر) العام الجديد 6263 من التقوبم المصري القديم، و هو التقويم الذي وضعه العلامة الفلكي المصري توت و الذي تم تطبيقه لأول مرة عام 4241 ق.م.

ولد توت في قريه منتوت و التي ما تزال موجودة حتى اليوم بنفس الإسم و تتبع مركز أبو قرقاص محافظه المنيا بصعيد مصر، ومنتوت كلمه قبطية معناها مكان أو موطن توت.

كان المصريين القدماء قد رصدوا نجم الشعره اليمانية وحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين متتاليتين وقسموها إلى ثلاث فصول كبيره تبدأ بفصل الفيضان ثم البذار ثم الحصاد ثم إلى أثني عشر شهر كل شهر منها ثلاثون يومًا وأضافوا المدة الباقية وهي خمسه أيام وربع وجعلوها شهر أسموه بالشهر الصغير مدته خمسه ايام في السنوات الثلاث البسيطة ومدتها 365 يومًا وستة أيام في السنة الرابعة (الكبيسة) ومدتها 366 يوما و هو التقويم الذي أحترمه الفلاح المصري حتى اليوم نظراً لمطابقته للمواسم الزراعية.
و لارتباط بداية السنة الجديدة باكتمال موسم الفيضان و بداية الموسم الزراعي الجديد أتت كلمة نيروز من اللفظ المصري القديم ني – يارؤو و التي تعني الأنهار فلما دخل الأغريق مصر أضافوا حرف السين إلى نهاية الإسم كعادتهم فأصبح نيروس.

و لم يطلق قدماء المصريين علي شهورهم في بادئ الأمر أسماء بل اكتفوا بالقول في الشهر الأول ثم الثاني و هكذا و لكن في عهد الأسرة السادسة والعشرين في القرن السادس قبل الميلاد أطلق المصريين القدماء علي كل شهر أسم معبود من معبوداتهم، و تكريماً لتوت قام المصريون القدماء برفعه إلى مصاف الآلهة و تخليد اسمه بوضعه على أول شهور السنة المصرية القديمة و صار تحوت (توت) هو اله القلم والحكمة والمعرفة حيث انه هو أيضاً الذي اخترع الأحرف الهيروغليفية التي بدأت بها الحضارة المصرية.

و السنة المصرية القديمة سنة نجمية لأنها مقيدة بموقع نجم الشعرة اليمانية و الذي يتم دورته في 1460 سنة و هي في ذلك أدق بكثير عن السنة الميلادية الشمسية التي تتم دورتها في 365 يوم و ربع لذلك لم تتبع السنة القبطية التعديل الجريجوري الذي أدخل عام 1581م و الذي نتج عنه الفروق الحالية في تواريخ المناسبات الدينية بين الكنائس الأرثودوكسية الشرقية و الرومانية و بين الكنائس الأخرى و على رأسها الكنائس الكاثوليكية و أهم هذه الأعياد عيد الميلاد و عيد الفصح و الذي يصل الفارق بينهم إلى 13 يوم.

و اليوم يوافق أيضاً رأس السنة القبطية الموافق الأول من شهر توت لعام 1735 من التقويم القبطي فقد كان المسيحيون الأوائل في مصر ينسبون فترة حكم أي امبراطور روماني إلي اسم هذا الحاكم فكان يقال العام الأول من حكم الامبراطور فلان و هكذا لكل امبرطور روماني يليه حتى تقلد الامبراطور دقلديانوس مقاليد الحكم (عام 284 إلى عام 305م) و هو الحاكم الذي نال مسيحيو مصر الأوائل على يديه أعنف صور الإضظهاد و التنكيل و الذي يقدر عدد الشهداء المصريين في عصره بأكثر من 800 ألف شهيد مصري، و نظراً لفداحة ما تحمله مسيحيو مصر في عهد دقلديانوس و تخليداً لتضحيات هؤلاء الشهداء فقد أطلق على عصره اسم عصر الشهداء و جعل تاريخ بداية توليه للحكم عام 284م هو بداية لتقويم الشهداء أو التقويم القبطي الذي استمر حتى اليوم.

و يذكر أنه تخليداً لذكرى الشهداء المصريين بمدينة زيوريخ السويسرية القديس فيليكس Felix و شقيقته القديسة ريجولا Regula و مرافقهما القديس إكسوبيرانتيوس Exuperantius كان عيد النيروز هو العيد القومي للمدينة و ذلك حتى قيام الحركة الإصلاحية البروتستانتينة في أوائل القرن السادس عشر، إلا أنه رغم ذلك لا تزال ذكرى هذا الاحتفال باقية حتى اليوم حيث يقام سنوياً في نفس التاريخ بمدينة زيوريخ مسابقات الرماية للناشئين Knaben schiessen و لمدة ثلاثة أيام متتالية.

و كان عيد النيروز من أكثر الأعياد التي يشارك فيها المصريين جميعاً و شهدت الدولة الفاطمية و العصور المملوكية التالية أكثر مظاهر الفرح و الاحتفال بهذا العيد في البلاد حيث كانت المواكب تطوف الشوارع و الأسواق و يشارك فيها جميع الطوائف من المصريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى