Uncategorized

العيد القومي التاسع والستون لعروس البحر الأبيض المتوسط

كتب: مهاب حسن 

الاسكندريه …

تتزين مدينه الثقافة والفنون والحضارة .. مدينه الإسكندرية اليوم الإثنين، للاحتفال بعيدها القومي الـ69 من خلال سلسلة من الفعاليات منها إقامة مواكب عربات الزهور، وتقديم عروض ثقافية واستعراضية.

 

تبدأ فعاليات الاحتفال بإطلاق موكب الزهور من أمام قصر المنتزه، وتستمر الفعاليات على طول الكورنيش حتى رأس التين، حيث يتم الوقوف في عدة محطات منها؛ بئر مسعود، ومنطقة فور باي فور.

يتخلل الحفل مواكب زهور، واستعراضات متنوعة، وتوزيع هدايا على الأطفال، وغيرها من الأنشطة، ثم يختتم فعاليات اليوم بحفلة في مكتبة الإسكندرية في تمام الساعة 7:30 مساء.

وبالرغم أن مدينه الاسكندريه تأسست على يد الإسكندر الأكبر المقدوني عام 332 قبل الميلاد وبعد دخوله لمصر وجد قرية تدعي راقودة علي البحر الأبيض المتوسط مقابلها جزيرة تدعي جزيرة فاروس، فقرر أن يربط بين القرية والجزيرة، ويبني في هذا المكان مدينة تحمل اسمه، وتكون عاصمة للبلاد بدلا من منف. وقد دفعت الإسكندر لهذا القرار أغراض استراتيجية منها: أنه أراد أن تكون الإسكندرية مركز للحضارة الهيلينستية في المناطق التي تحيط بها، وأن يساعد موقعها الجيش المقدوني في غزواته عبر البحر الأبيض المتوسط ولتكون مركزاً للتجارة في هذه المنطقة. ولقد كان للإسكندر ما أراد. وبعد وفاته بدأ العصر البطليمي بتولي بطليموس الأول الحكم، فأخذت الإسكندرية تتطور وتزداد أهميتها. اهتم بها البطالمة كثيرا لا سيما في عصور الرخاء (من عهد بطليموس الأول حتى عهد بطليموس الثالث) ويعود الفضل لهم في تشييد العديد من الآثار التاريخية مثل منارة الإسكندرية التي تعد إحدى عجائب العالم القديم، ومكتبة الإسكندرية التي حملت كتبا عديدة بلغات مختلفة منها اليونانية والهندية والفينيفية وكانت أول مكتبة حكومية في العهد القديم -والتي دمرت بعد دخول الرومان-. وبعد انهيار دولة البطالمة عام 30 ق.م على يد اكتافيوس الذي هزم انطونيوس وكليوباترا عام 31 ق.م في معركة اكتيوم البحرية استمرت الإسكندرية تحت حكم الرومان في أخذ أهمية كبرى. كانت الإسكندرية لها أدوارها القديمة لكن هذه الأدوار ازدادت مع الوقت خصوصا مع دخول المسيحية على يد القديس مرقس الرسول سنه 45 ميلادية واستشهد في نفس المدينة سنه 68 ميلادية، فيكفي تشييد مدرسة الإسكندرية التي كانت مصدر علم كبير في فترة ما بعد إعلان قسطنطين الشهير وكان لها دور رئيسي في التنمية العلمية للمسيحيين. فكانت بها أشهر مدرسة فلسفية ظهرت في العصر الهلينستي وهي مدرسة الأفلاطونية المحدثة، كما كان بها مدرسة الإسكندرية اللاهوتية التي شكلت معالم الفكر واللاهوت المسيحي في العالم. وبعد الفتح الإسلامي ظلت الإسكندرية قلعة علمية فقد أصبحت المركز العلمي الذي يتلقى فيه علماء المغرب والأندلس علومهم الدينية قبل عودتهم لبلادهم، كما أصبح للإسكندرية مدرسة في الحديث النبوي توارثها أجيال من العلماء، كما اشتهرت بأقطاب الصوفية الذين اتخذوا من المدينة سكنا لهم. هكذا تواصل الدور الحضاري لمدينة الإسكندرية التي انكمشت في العصر العثماني ولم تعاود الازدهار إلا في عصر محمد علي في النصف الأول من القرن التاسع عشر لتكتسب طابعها العالمي كمدينة تستوعب حضارات العالم أجمع. هذه كانت نبذة عن تاريخ الإسكندرية.

الا انه وعلى مدار 69 عاما فقط تحتفل الاسكندريه بعيدها القومي لأن هذا التاريخ 26 يوليو 1952 ارتبط بخرج الملك من الإسكندرية من ميناء رأس التين مستقلا اليخت الملكي المحروسة متجها إلى إيطاليا .

وتم الحصول علي وثائق نادرة مكتوبة بخط اليد لتوثق اللحظات الأخيرة في حكم الملك فاروق. وتشمل الوثائق التي تحتفظ بها مكتبة الإسكندرية داخل مشروع ذاكرة مصر المعاصرة ، نص الإنذار الموجه من الضباط الأحرار بقيادة اللواء محمد نجيب للملك فاروق الأول بالتنازل عن العرش بالإضافة إلى وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش في 26 يوليو عام 1952.

الوثيقة الأولى.. إنذار بخط يد الفريق محمد نجيب إلى الملك فاروق وجاء في وثيقة الإنذار الأولى التي كتبت بخط يد أول رؤساء مصر في النظام الجمهوري محمد نجيب: “من الفريق أركان حرب محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله إلى جلالة الملك فاروق الأول، إنه نظراً لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شاملة عمت جميع المرافق نتيجة سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإرادة الشعب حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته. ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير

واختتم نجيب إنذاره قائلا: “لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب من جلالتكم التنازل عن العرش لسمو ولي عهدكم الأمير أحمد فؤاد على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم السبت الموافق 26 يوليو 1952 والرابع من ذي القعدة سنة 1371 ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج

 

فيما ذيلت الوثيقة بكلمات بتاريخ صدورها وتوقيع كاتبها: “الإسكندرية في يوم السبت، 4 من ذي القعدة 1371 هـ، 26 يوليو سنة 1952 ميلادية، فريق أركان حرب محمد نجيب

الوثيقة الثانية.. أمر ملكي بتنازل الملك فاروق عن حكم مصرتمثلت الوثيقة الثانية في بيان ملكي مكتوب بخط يد الملك فاروق الأول يعلن خلاله التنازل عن العرش والموقع في 26 يوليه 1952. وجاء في الوثيقة المعنونة بعبارة: “أمر ملكي رقم 65 لسنة 1952″، “نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لما كنا نتطلب الخير دائماً لأمتنا ونبتغي سعادتها ورقيها، ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة ونزولا على إرادة الشعب، قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه.” وأتبع ” صدر بقصر رأس التين في 4 ذي القعدة سنة 1371 ، 26 يوليه سنة 1952″

وتعتبر مدينه الإسكندرية ، بموقعها الفريد علي مياه البحر الابيض المتوسط، شاهدة علي مولد وأفول الدولة العلوية بمصر، برحيل آخر حكامها.

ففي ربيع عام 1802، تجمع أهالي الإسكندرية، في ميناء أبو قير البحري، انتظارًا لقدوم كتيبة ألبانية، يتزعمها محمد علي، وهي الكتيبة التي أرسلتها الدولة العثمانية، لانتزاع مصر مجددًا من أيدي الفرنسيين، الذين احتلوها لمدة 3 سنوات. تمكن محمد علي القائد الألباني، من الوصول لحكم مصر، بعد إزالة كل الخصوم من طريقه، وتأسيس مصر الحديثة.

وبعد قرن ونصف من أسرة محمد علي، تمكن الضباط الأحرار، من إسقاط حكم الأسرة العلوية، لتكون مدينة الإسكندرية، شاهدة علي رحيل آخر حكامها الملك فاروق، علي متن اليخت المحروسة، من ميناء صغير ملحق بقصر رأس التين، يوم 26 يوليو عام 1952 وليكون هذا اليوم هو العيد القومي للمحافظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى