التكنولوجيا المالية فى حـيـاة الإقــتــصــاد. كتب محمد رمضان رئيس القسم الاقتصادى الجريدة
إن العالم اليوم يشهد نقلة نوعية من الاقتصاد النقدي إلى الاقتصاد الرقمي، وذلك بفضل ما يسمي بخدمات التكنولوجيا المالية، هذه الأخيرة التي تستطيع إحداث تغييرات جذرية في قطاع الخدمات المالية والمصرفية ، مما يدفعنا إلى الحديث عن ما هية التكنولوجيا المالية ومحور أهميتها على القطاع الإقتصادى .
ولقد أفرد القانون فى مصر تنظيما خاصا بالتكنولوجيا المالية إيمانا منه بأهمية التكنولوجيا المالية عن طريق القانون رقم 194 لسنة 2020 الخاص بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي وذلك مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية .
ولقد عرّف مجلس الإستقرار المالي (Financial Stability Board) التكنولوجيا المالية بأنها: (إبتكارات مالية باستخدام التكنولوجيا يمكنها إستحداث نماذج عمل أو تطبيقات أو عمليات أو منتجات جديدة، لها أثر مادي ملموس على الأسواق والمؤسسات المالية، وعلى تقديم الخدمات المالية) ، ولذلك فإن التكنولوجيا المالية هى وليدة ما خَلَّفَهُ التقدم التكنولوجى فى الجانب المالى للإقتصاد العالمى ، وحسب معهد البحوث الرقمية فى العاصمة البولندية دبلن فإن التكنولوجيا المالية هى عبارة عن الإختراعات والإبتكارات التكنولوجية الحديثة فى مجال قطاع المالية وتشمل هذه الإختراعات مجموعة البرامج الرقمية التى تستخدم في العمليات المالية للبنوك والتي من ضمنها :المعاملات مع الأفراد والخدمات المالية مثل تحويل الأموال وتبديل العملات وحسابات نسب الفائدة والأرباح ومعرفة الأرباح المتوقعة للإستثمارات وغير ذلك من العمليات المصرفية .
ومن الجدير بالذكر أن تتضمن التكنولوجيا المالية كافة المجالات التي يدخل فيها الإبتكار لتسهيل تعامل الأفراد مع الأعمال التجارية، مثل الأموال الرقمية، والأنشطة المالية، والتحويلات المالية وخدمات والتأمين ، وطلب الحصول على ائتمان من فرع البنك، وتجميع الأموال للبدء بالأعمال التجارية، وإدارة الاستثمارات المالية وغيرها .
وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى زيادة عدد المستهلكين للخدمات المالية بشكل كبير، حيث على الأقل يقوم ثلث المستهلكين بخدمة أو اثنين من خدمات التكنولوجيا المالية بشكل يومي مما يؤثر بشكل إيجابى وفعال على الإقتصاد .
وبالإضافة إلى ذلك فلقد اعتمد مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، رؤية الهيئة المستقبلية 2025، ووضعت الرؤية التحول الرقمى والتكنولوجيا المالية فى مقدمة أولوياتها وذلك بعد ظهور جيل جديد من الشركات الناشئة للتكنولوجيا المالية التى تدعم المؤسسات المالية ومقدمي الحلول الرقمية، والتى ساهمت فى حدوث ثورة فى رقمنة القطاع المالى فى جميع أنحاء العالم من خلال الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية فى مجال المعاملات المالية.
وقد ساهمت الابتكارات القائمة على التكنولوجيا المالية في تعزيز إمكانية حصول المستثمرين على العديد من الخدمات فى مجال المدفوعات والتمويل والتأمين والادخار والاستثمار.
ولذا فإنه من المتوقع أن تساهم التكنولوجيا المالية في تطوير كافة القطاعات الاقتصادية للدولة، وكذلك تحسين المناخ الاستثماري في مصر لما توفره من مزايا عديدة منها:
سهولة الوصول إلى المعلومات والبيانات الضرورية لاتخاذ القرارات الاستثمارية و سهولة الوصول إلى مصادر التمويل وبأقل تكلفة، مما يمكن رواد الأعمال والمؤسسين من البدء في مشاريع جديدة و تعزيز الشمول المالي للأفراد والمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر من خلال التغلب على العوائق التقليدية لعمليات الصرف والتحصيل.
واستحداث أساليب جديدة مثل التكنولوجيا الرقابية والإشرافية، والتي توظفها الهيئات الرقابية والإشرافية لدعم عمليات الرقابة والإشراف، والتي توفر أدوات أكثر كفاءة لإدارة مخاطر الأسواق، وتحقيق التوازن بين ترويج التكنولوجيا المالية والشمول المالي والاستقرار والنزاهة وحماية العملاء.
ومن الجدير بالإعتبار أن الهيئة العامة للرقابة المالية، تتبنى العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحقيق التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية، ضمن رؤية الهيئة 2025، ومن أهم هذه المبادرات هى تشجيع المؤسسات المالية القائمة على استحداث البيانات مثل مشروع بنك المعلومات وتشجيع مبادرات الرقمنة مثل دعم شركة القطاع الخاص لتطبيق آلية متطورة لمعرفة هوية العملاء “اعرف عميلك” وغيرها من العديد من المبادرات المتعلقة بهذا الشأن .
و أخيرا يمكننا القول بأن التكنولوجيا المالية قد استطاعت تغيير هيكل الخدمات المالية والمصرفية وجعلها أسرع، وأرخص، وأكثر أمناً وشفافية وإتاحة، خصوصاً للشريحة الكبيرة من الأفراد التي لا تتعامل مع الجهاز المصرفي ،فضلا عن سرعة التطوّر فى خدمات التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة التي تقدم الحلول المالية المبتكرة التي تُحاكي ما تقدمه القطاعات المصرفية وتقوم بتبسيط العمليات المصرفية مما يعزز دور هذه التكنولوجيا داخل كافة القطاعات الإقتصادية فى الدولة.
