المقالات

المذاهب الإنسانية

المذاهب الإنسانية                                                               كتبت /خلود ايمن
إن الحاجات الدنيوية وإنْ كانت زهيدةً فهي زائلة يوماً ما فلا يجب التشبث بها بشكل مبالغ بل علينا أنْ نتطلع إلى حاجات أسمى وأعظم تتعلق بالآخرة التي نجد فيها المُستقَر فيما بَعْد ، وكي يتمكن المرء من القيام بذلك عليه أنْ يمر بعدة مراحل أولها ألا يجعل تلك الحاجات مبلغ غاياته ومحط آماله وشغله الشاغل طيلة الوقت وألا يتمسك بها أو يستميت من أجل الحصول عليها ، ثانيها أنْ يُجاهِد ذاته حتى لا يضعف أمام الفتن التي تحيط به من كل صوب وحدب أو يقع فريسة تحت براثنها الطاحنة التي لا ترحم وتُودي به للهلاك لا مَحالة ، وثالثها أنْ يُقدِّم أعمالاً خيِّرة تنفعه في آخرته كي يحظى بجنة الخُلد في نهاية المطاف ، وفي هذا الشأن ينقسم البشر إلى ثلاثة أقسام ، القسم الأول يسلك مؤيدوه المَسْلك الدنيوي فيتطلعون للحاجات الدنيوية فقط ويتمسكون بها بشكل قاتل وقد يفنوا حياتهم ويتناطحون مع الغير من أجل الحصول عليها ، القسم الثاني يتشدد مؤيدوه مع فكرة العمل للآخرة وينسون الدنيا تماماً وكأنهم زهدوا فيها ويصل بهم الأمر لتطبيق هذا الدستور على جميع الخَلْق ويتهمون الجميع بالتَسيُّب فهم في نظرهم خارجون عن المنهج ولا يتقون الله في تصرفاتهم نظراً لمحاولاتهم الاستمتاع بالحياة بعض الشيء مع عدم إخلالهم بالقيم والمبادئ والحدود ، القسم الثالث يجمع مؤيدوه بين حاجات الدنيا ومطامح الآخرة فتجدهم يُجيدون التصرف ويلجأون لأوامر الله في كل كبيرة وصغيرة مع قدرتهم على الاستمتاع بقدر بسيط من الحياة فلا يَضلُّون الطريق أو يُصابون بالتيه أو التشتت فهم على بيِّنة وعلم أن الله قد خلقنا حتى نُميِّز بين الأمور ونختار الأصلح الذي يُمكِّننا من عيش الحياة دون التفريط في تعاليم ديننا الحنيف حتى لا يزداد الفساد والانحراف وتنحل كل طبقات المجتمع نظراً لرغبتها في الركض وراء كل ما هو شائع وجديد دون الرغبة في الانضباط واختيار المناسب ممَّا يتوافق مع تعاليم الإسلام وشرائعه التي تحمينا من الانجراف وراء المحظور والخاطئ الذي لا يعود علينا سوى بالضرر فقط ، فعلينا التَعقُّل ومحاولة الموازنة بين الحياة الدنيا والآخرة على ألا ننحاز لأيهما حتى لا نفقد عنصر الاتزان والثقة في القرار والثبات على الموقف أياً كان فيجب أنْ يتخذ المرء مذهباً معيناً يتبعه بمحض إرادته دون ضغط أو فرض من أحد ويكون على علم بقدرته على تَحمُّل عواقبه ، فلا يوجد شخص مُعمِّر ضامن للبقاء والخلود حتى يُفرِّط في آخرته ويُفضِّل الحياة بكل ملذاتها وكأنها دائمةٌ بلا نهاية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى