قصة وعبرة

الدودة العمياء….

الدودة العمياء 

كتبت/ د.غادة حسن 

أشرقت شمس يوم جديد ووقفت سمسمة ترتدي ثيابها أمام المرآة كعادتها وهي تنظر لنفسها بإعجاب متأملة لون بشرتها وشعرها وثيابها الجميلة الأنيقة في فرح وسعادة ستكون أجمل بنت في زيارتها اليوم إلى المعرض الأول للوحات الأطفال، فسمسمة بطبيعتها تهوى الفنون إلى أن قطع تأملها لنفسها صوت والدتها وهي تنادي:
سمسمة يا سمسمة هل أكملتي ارتداء ملابسك؟
إلى متى ستظلين أمام المرآة؟ الوقت يمر وأخشى أن تتأخري عن موعدك.
خرجت سمسمة وهي تشعر بأنها أجمل فتاة على وجه الأرض إلى أن صدمتها أمها وهي تقول:
أين نظارتك يا حبيبتي؟
كالعادة لا ترغبي في ارتدائها وقد حذرنا الطبييب من عدم الانتظام في ارتدائها وأن هذا يسبب لك مضاعفات خطيرة قد تجعل نظرك يزداد ضعفًا.
شعرت الصغيره بخيبة أمل فهي لا ترغب في ارتداء هذه النظارة اللعينة التي تشوه جمالها.
بعد حوار حاد بينها وبين أمها أصرت على عدم ارتداء النظارة وخرجت لزيارة المعرض بدونها.
فهو أول معرض من نوعه قد قام الأطفال برسم اللوحات المشاركة فيه تحت رعاية إدارة المدرسة وقام بزيارته كل الأطفال المهتمين بالرسم كلها لوحات جميلة ومعبرة، لفت نظر سمسمة لوحة سلحفاة بحرية تتحدث مع نملة صغيرة على شاطئ الماء أخذت سمسمة تتأمل اللوحة وتحاول أن تستمتع بأحداث القصة وتسأل نفسها لماذا تقف النملة هكذا أو لماذا كل هذا الخوف والفزع الظاهر عليها.
هل تريد النملة النزول إلى الماء ولماذا فعلت ذلك سيكون مصيرها الهلاك المحقق. ثم وجدت صورة أخرى زادتها حيرة فقد أخذت السلحفاة البحرية النملة في فمها ونزلت بها في الماء فزادت حيرة سمسمه السلحفاه البحرية تجيد السباحة فلماذا لم تقم بالمهمة بمفردها إذا كان هناك مهمة أصلًا إلى أن رأت اللوحة الثالثة التي حسمت الأمر فتحت السلحفاه فمها عند فتحة جحر دخلت النملة وأخرجت منه دوده عمياء ثم دخلت النملة في فم السلحفاه التي أخرجتهم مرة ثانية للشاطئ. لم تستطيع النملة النزول إلى الدودة وإنقاظها وحدها وإلا غرقت في الماء وهكذا السلحفاه لم تستطيع إخراج الدودة وحدها لأن فتحت الجحر أصغر بكثير من حجمها أتحدت كل من السلحفاة والنملة في نقاط قوة كل منهما وكذلك نقاط ضعفهم واستطاعا التكامل وإنقاذ الدودة المسكينة ساكنة الجحر.
لم تكمل سمسمة تفكيرها إلى أن رأت عبارة منقوشة تحت اللوحة تقول من عرف عيبه فلا عيب فيه ومن أغمض عن نواقصه ظل بها أمد الدهر.
انتهت الجولة في معرض الفنون وعادت سمسمة للمنزل وجلست تشاهد فيلم كرتون كعادتها قبل النوم ولكن حدث شيء غريب لأول مرة سمسمة تسأل أمها أين نظارتي يا أمي أريد ارتدائها حتى أشاهد التليفزيون تعجبت الأم وتعجبت أكثر عندما سمعتها تقول: من عرف عيبه وحدد نقاط ضعفه وعالجها ليس بضعيف، الضعيف هو من يغمض عيناه عن نواقصه ويجعلها تعوقه وتحيل بينه وبين أهدافه.

الإنسان الناجح هو من يراقب نفسه
ليعرف نقاط قوته ونقاط ضعفه
من دعائم النجاح معرفة الإنسان لكوامن قوته فيقويها وبجوانب ضعفه فيعالجها حتى يستطيع الوصول لأهدافه ولا يضيع الوقت في تقوية ما يمكن تقويته ويغفل عن الأستفادة مما خلق من أجله فكثير من أبنائنا تكون لديه مشكلة لون بشرته وزنه أو شعره أو نظره أو طوله ويتسبب له كثيرمن الحرج بين أقرانه.
إن لكل إنسان نقاط قوة ونقاط ضعف تجعله ينظر للأمور بشكل عادي كما أنه يركز على ما يتميز به هو عن غيره وعليك أيها الأم الفاضلة دور كبير لغرس ذلك المفهوم لديه فمثلًا عندما تقومي بجولة شراء من السوبر ماركت عليك بالأختيار بين البدائل المختلفة وعرض نقاط قوة كل منها وضعفها وأجعلي إبنك يشارك الأختيار فليس هناك منتج أفضل من الآخر بل هناك منتج مناسب لاحتياجتنا وآخر لا، وما لا يناسبنا يناسب غيرنا.
اجلسي مع ابنك وأديري حوار مع ابنك حول أصحابه وأجعليه يصنف نقاط قوة كل واحد منهم ونقاط ضعفهم وأجعليه يحدد ما يمكن التعامل معه وما لا يمكن التعامل معه وكذلك نقاط القوة كيف يمكن توظيفها والاستفادة منها.
راقبي ابنك واعملي نموذج بشكل أسبوعي للتعرف على نقاط قوته ونقاط ضعفه وكيفية توظيف ذلك في صنع مستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى