أوسع الطرق تبدأ من أضيق اللحظات، والانفراج يولد غالبًا بعدالاختناق

.
كتبت /الدكتورة إيمان السرياقوسى
زاوية هادئة من يومٍ مزدحم قد تتحول فجأة إلى نقطة مظلمة داخل الروح، لحظة يشعر فيها الإنسان وكأن الهواء يقل، وكأن المساحة حوله أصبحت أضيق من أن تتسع لأنفاسه. هذه اللحظة التي نسمّيها “الضيق” أو “الخنقة” قصة يومية تتكرر في حياة الكثيرين بصمت.
الضيق ليس مجرد انقباض عابر؛ إنه رسالة يرسلها الداخل حين يثقل الحمل. يبدأ بهدوء—شرود بسيط، رغبة في الابتعاد، إحساس خافت بأن شيئًا ما غير مستقر. ثم يتكثف الشعور حتى يصبح ثقلًا على الصدر، كأن النفس يبحث عن ممرّ خفي للخروج ولا يجده.
لكن الضيق ليس علامة هزيمة، ولا وصمة ضعف. إنه جهاز إنذار إنساني يُذكّر بأن الروح تحتاج استراحة، وأن الصمت أحيانًا علاج، وأن التوقف ليس تراجعًا بل حفاظ على القدرة على الاستمرار. كثيرون يتجاهلون هذه الإشارة حتى يتحول الضيق إلى خنقة، والخنقة إلى إنهاك، وكأن الجسد والروح يعلنان العصيان.
ورغم ثقل الشعور، يبقى الانفراج ممكنًا. قد يبدأ الأمر بحديث صادق مع شخص قريب، أو خطوة صغيرة خارج المكان، أو شربة ماء، أو حتى دمعة تُخفّف العبء. أحيانًا يكفي أن نمنح أنفسنا الحق في الشعور كي يتسع الصدر من جديد.
حين يضيق الصدر… تذكّر أن العالم ما زال واسعًا، وأن داخلك قدرة على استعادة الهواء مهما كانت اللحظة ثقيلة.





