عِظَمْ الابتلاءات

عِظَمْ الابتلاءات : كتبت /خلود خالد
إن مَنْ يتعرضون لابتلاءات عُظمَى هُمْ أكثر مَنْ يتمكنون من خوض غِمار الحياة والتعامل معها بقوةٍ خارقة قد يتعجب لها أهل الأرض أجمعين وربما يكون هذا من لُطف القدر بهم ورحمة من الله بقلوبهم ورأفة بحالهم ولكن أكثر مَنْ يتأذَّى هُمْ المحيطون بهم فهُم يَرون الجانب الواقعي للحياة ، يتفهَّمونها بشكلها السليم ، يدركون حقيقتها وكَمْ هي مؤلمة قاسية ليست وردية كما تخيَّلوا ذات يوم ، فيتوقف كلٌ منهم عن رسم تلك الآمال العريضة التي يضعها نصب عينيه ويبقى يأمل في غدٍ هادئ لا يُصيبه فيه أي مكروه أو يمسَّه أي ضُرْ أو يُداهمه أي شر ، فلم يَعُد يتوقع شيئاً خيالياً أو يرى المستقبل بشكلٍ مشرق كما كان في سابق عهده ، صار يعلم أن كل شيء قد ينقلب في لحظة ويتبدَّل حاله من النقيض للنقيض وأنه لا ضمان ولا أمان في تلك الدنيا سوى لله الواحد الأحد ، فيزداد يقينه وحُسن ظنه في الله ولا يتوكَّل على سواه ، ويدرك أنه لا مفر من القدَر مهما حاول المرء النجاة أو اجتناب المخاطر والأهوال فلن ينال سوى نصيبه الذي كُتِب له منذ بدء الخليقة وهو ما زال في المهد ولن تزداد تلك الصراعات التي يفتعلها مع غيره بداعٍ وبغير داعٍ من أجل الحصول على أمور ليست بيدِ أحد سوى الخالق ، سيُدرك يقين الإدراك أن الدنيا في حجم بعوضة ، فانية ، لا تستحق كل تلك الحسابات وكل ذاك الركض والهرولة في سبيل تحقيق أمور ليس لنا دخل في وقوعها البتة وكل ما علينا هو الاجتهاد فحَسب ، سنعلم أن كل ما نحسَبه بعيداً لهو قريبٌ جداً بقدرة الخالق الذي يُحيل كل الأمور بكلمة كُنْ فيكون وحينها يسكُن المرء ويطمئن ويهدأ قلبه ويَكُف عن تلك الخفقات السريعة التي قد تُميته في الحال بفعل الصراعات التي تدور داخله بلا أي جدوى تعود عليه في نهاية المطاف ، وتلك هي حال الدنيا لمَنْ لم يدرك بَعْد فلا عليك سوى الإيمان بالله والرضا بالقدَر والمكتوب أياً كان فهذا ما سيجعل حياتك يسيرةً ويُهوِّن عليك كل مستعصٍ عسير …
#خلود_أيمن #مقالات.