المقالات

تعطي له إصبعك.. يأكل ذراعك!       

تعطي له إصبعك.. يأكل ذراعك!                              كتبت /د ايمان السرياقوسى

عبارة دارجة في مجتمعاتنا، لكنها تحمل في طياتها عمقًا إنسانيًا واجتماعيًا يستحق التأمل. إنها ليست مجرد تعبير شعبي، بل هي صرخة من تجارب أرهقها العطاء الأحادي، حيث تتحول الشهامة إلى عبء، والكرم إلى تهمة، والمساعدة إلى استغلال .

نلتقي يوميًا بأشخاص لا يرون في طيبتك إلا فرصة للسيطرة، وفي تسامحك إلا مدخلًا لتكرار الخطأ. تبدأ معهم بخطوة دعم صغيرة، لكنهم يركبونها كأنها قارب نجاة، يبحرون به في بحر جشعهم دون الالتفات إلى من مدّ لهم يد العون أول مرة.

ولعل الأسوأ من ذلك، أن هذا السلوك قد لا ينبع من نية سيئة دائمًا، بل من ثقافة متجذّرة تُكرّس الأخذ وتُهمّش قيمة الشكر، وتجعل من الاعتماد على الغير وسيلة للعيش لا حالة طارئة.

فهل نكفّ عن العطاء؟
بالطبع لا. ولكن، آن الأوان لنمارس العطاء بعقل، لا بعاطفة عمياء. آن الأوان لأن نرسم حدودًا واضحة بين الدعم والاستغلال، بين الإيثار والسذاجة.
لأن الطيبة ليست غباءً، بل قوة عندما نعرف متى نستخدمها، ومع من.
“فمن يعطي إصبعه لمن لا يستحق، لا يلومنّ إلا نفسه حين يُفاجأ بأن الذراع كله قد التُهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى