تكنولوجيا و إتصالات

ماهو التزييف العميق على تقنيات الذكاء الاصطناعي

في عصر التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي المتسارع، برز التزييف العميق كواحدة من الظواهر الأكثر إثارة للقلق والتحدي.. فما هو؟ وهل له استخدامات إيجابية؟ وكيف نحمي أنفسنا منه؟

بقلم/ ياسمين إسلام 

يعتمد التزييف العميق على تقنيات الذكاء الاصطناعي، لإنشاء محتوى رقمي مزيف يبدو حقيقياً بشكل مذهل، يتضمن ذلك الصور والفيديوهات والأصوات التي يمكن أن تُستخدم لتزييف أحداث وتحوير الحقائق والتلاعب بالشخصيات العامة والخاصة بطرق دقيقة ومقنعة.

ومع انتشار استخدامات تقنيات الذّكاء الاصطناعي في شتى المجالات، وفي أكثر مجالات الحياة؛ كان من الواجب بيان التكييف الفقهي لهذه الاستخدامات، والتفريق بين المشروع منها وغير المشروع، ومن ذلك تقنية التزييف العميق (Deepfake)؛ نظرًا لانتشارها مع استخداماتها السيئة المؤدية إلى مفاسد متعددة؛ كالتلاعب بالأدلة الجنائية، وإثارة الفوضى، والإضرار بالأمن القومي للدول، ومن ذلك استخدامها في قذف الغير، وما يتبعه من الابتزاز الجنسي والمالي لضحايا هذه التقنية.

ويعد التزييف العميق من الأساليب العدائية التي يمكن أن تستعمل ضد شخصية معينة أو جهة ما؛ لغرض تشويه صورتها أو الإساءة إلى سمعتها.

خطورة التزييف العميق لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تمتد لتشمل تأثيرات عميقة على الشركات والمؤسسات والمجتمعات والدول بشكل عام، مما يتطلب استجابة سريعة وفعالة لمواجهة هذه التحديات المتنامية.

هذا التصاعد في استخدام التزييف العميق يثير مخاوف جدية حول النزاهة المعلوماتية والأمن الشخصي، كما يهدد بتقويض الثقة في الوسائط الرقمية والإعلام.

تقنية الديب فيك

ليس هناك شك في أن اكتشاف العيوب التقنية في التزييف العميق سيصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى مع استمرار تحسين الأدوات، ولذلك فإن الحفاظ على مستوى عالٍ من اليقظة السياقية قد يكون أقوى وسيلة للموظفين لمواجهة المخاطر.

إلا أنه يظل من المهم تطوير التفكير النقدي والوعي العاطفي لمكافحة محاولات التلاعب.

بدلا من التركيز على مظهر الأشخاص، حاول التفكير في الغرض المعلن من المكالمة وكيفية تفاعل المشاركين، باختصار، هل يبدو أي شيء خارج السياق؟

إن المهاجمين سيحاولون في كثير من الأحيان غرس الشعور بالإلحاح، مما يضع أهدافهم تحت ضغط الوقت لتنفيذ أوامرهم، والسبب في ذلك هو أن الأشخاص يكونون أكثر عرضة للخداع إذا تعرضوا للضغط.

آلية عمل التزييف العميق

التزييف العميق يعتمد على الشبكات العصبية الاصطناعية، خاصة تلك المعروفة باسم الشبكات التوليدية التنافسية (GANs). هذه الشبكات تتكون من نموذجين: أحدهما مولد والآخر مميز. يعمل المولد على إنشاء محتوى زائف، بينما يحاول المميز التعرف على هذا المحتوى كونه حقيقياً أو مزيفاً. مع مرور الوقت، يصبح المولد أكثر قدرة على إنتاج محتوى يصعب على المميز اكتشافه.

ما هو الهدف الحقيقي وراء استخدام التزييف العميق؟*

الغرض من التزييف العميق هو استخدام محتوى مزيف للتأثير نفسياً على المشاهدين والمستمعين لتصديق شيء ما أو حدث ما لم يحدث في الحقيقة، وغالبا ما يتم استخدام تقنية التزييف العميق لنشر المعلومات الخاطئة، ولأغراض سيئة، يذكر منها ما يلي:
– الاحتيال والخداع.
– القيام باختراق بيانات خاصة.
– ترويج صور وفيديوهات غير حقيقية للمشاهير .
– تلطيخ سمعة الآخرين.
– التلاعب بنتائج الانتخابات.
– القيام بهجمات معلومات مضللة بطريقة آلية.
– سرقة هوية شخص آخر.
– الاحتيال المالي.
– الابتزاز.

الاستخدامات الإيجابية للتزييف العميق

رغم قيام الكثيرين باستخدام تكنولوجيا التزييف العميق بطريقة سلبية مضرة بالآخرين، إلا أن لها حسنات يذكر منها:
– استخدامها في المقاطع الفكاهية الهادفة.
– استخدامها في التعليم عن بعد.
– استخدامها في ألعاب الحاسوب ثلاثية الأبعاد.
– استخدامها في الترويج والإعلانات.
– استخدامها في تقنيات التكنولوجيا الافتراضية.

كشف عمليات التزييف العميق

غالبا ما يمكن اكتشاف التزييف العميق من خلال بعض الآثار المرئية التي تتركها، مثل تشويش الصورة أو خفقانها أو ذبذبتها عند الحركة، ومن الأمور الشائعة أيضاً والتي تكشف زيف الفيديوهات هو تغير ملامح الوجه بسبب الحركة السريعة لها، كذلك يمكن الانتباه لوجود حركة غير طبيعية للعين، أو جمودها كعدم الرمش، أو عدم التناسق بين حجم الجسم والرأس الذي يحمله.

كذلك يمكن تمييز التزييف العميق في حال كانت درجة لون البشرة غير طبيعية، أو الظلال في غير محلها، أو الشعر غير طبيعي، كأن يكون غير مجعد أو غير متطاير، لأن الصور المزيفة لن تكون قادرة على إنتاج هذه الخصائص الفردية، أيضاً قد لا تكون الخوارزميات قادرة على توليد أسنان بخصائص فردية، لذا فإن غياب الخطوط بين الأسنان يمكن أن يكون دليلًا على زيف عميق.

النصيحة الأساسية

التحقق من السياق، هل ما تراه وتسمعه منطقي؟ ما الذي يحاول الشخص أن يجعلك تفعله وكيف يجعلك تشعر بذلك؟ هل يثير لديك مشاعر قوية؟

لا شك أن تزييف الحقائق له تأثيرات وأضرار على الأفراد والمجتمعات عموما وأن استخدامه لتشويه سمعة الأشخاص وشن حملات مضادة بحقهم من خلال صناعة الأخبار الزائفة والمعلومات المُضلِلة يصب في مصلحة مستخدمي التزييف ومحرفي الحقائق وما يصبون إليه من خلق صراعات وأزمات اجتماعية أو سياسية.

التزييف العميق هو سيف ذو حدين. بينما يقدم فرصاً هائلة في مجالات الإبداع والتكنولوجيا، إلا أنه يُشكل تهديداً خطيراً على خصوصية الأفراد وأمن المجتمعات. لذلك، من الضروري توعية الجمهور بخطورة هذه التقنية والعمل على تطوير أدوات قانونية وتقنية لمواجهتها.

في النهاية، قد لا يكون تجنب عمليات الاحتيال العميق أمرًا يعتمد على الثقة بعينيك في اكتشاف الخداع، يمكن أن يصبح الأمر أقرب إلى الثقة في حدسك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى