قصة

الوصية

الوصية 
سحر أبوالعلا
خرج أيمن من الملجأ بعد أن أتم عامه الثامن عشر وكان منذ صغره لا يعرف له أبا ولا أما إلا أن إدارة الملجأ وجدته رضيعا على باب الملجأ ومن حينها وقد نشأ وترعرع فيه حتى جاء هذا اليوم الذي غادر فيه الملجأ.
كان أيمن لا يعرف مكانا غير الشارع حين خروجه من الملجأ ، وظل يتجول في الشوارع كالمشردين يسأل لقمة من هذا وقرشا من هذا، إلى أن رمى القدر في طريق أيمن صديق من أصدقاء السوء وكان اسمه عمرو ودار بينهما هذا الحديث
عمرو… انت اسمك ايه
_ اسمي أيمن
عمرو … انت منين ياض
_ انا مش من هنا ومليش حتة اروح لها
عمرو …. انت مقطوع من شجرة يعني زي حالاتي
_ أيوة الحقيقة أنا لسة خارج من الملجأ من كام يوم ومليش مكان ولا حد اروح له
عمرو…. وانت بقى لامؤاخذة بتعرف تعمل ايه
_ انا اتعلمت في الملجأ شغل النجارة وحاولت ادور على ورشة اشتغل فيها بس محدش رضى يشغلني
عمرو…. لا ياعم نجارة ايه وصنعة ايه انا عندي لك شغلانة هتاكل من وراها الشهد
_ ياريت بس يا ترى بقى ايه هي الشغلانة دي
عمرو …. هتسرق معايا
_ايه أسرق لا طبعا أنا لا يمكن اعمل كدة انا مش حرامي
عمرو … اسمع بس دي شغلانة سهلة وهتعمل من وراها قرشين حلوين
وبعد محاولات من عمرو قدر يقنع أيمن انه يشتغل معاه ولأن ايمن كان ذكي شرب الشغلانة بسرعة بلغة عمرو
وكان أهم في شغلتهم دي انهم يدرسوا الأول ويخططوا كويس قبل ما يقوموا بعملية السرقة ، وجه عمرو في يوم وقال لمؤمن على شقة في منطقة هادئة أنهم هيسرقوها وكان طبعا لازم أيمن يراقبها كويس، فضل أيمن مراقب الشقة لمدة أسبوع لحد ما اطمن أن الشقة مفيهاش حد غير ست مسنة عايشة لوحدها لا بتزور حد ولا حد بيزورها
وفي اليوم اللي قرروا يقوموا فيه بعملية السرقة عمرو حصل له حادث وطلب من مؤمن أنه يقوم بالعملية دي لوحده ، أيمن كان متردد لكن طبعا مكنش يقدر يكسر كلام عمرو والا يعاقبه ما هو كان عامل المعلم بتاعه.
وفعلا ايمن راح عند العمارة وفضل مراقبها لحد ما اطمن ان البواب دخل اوضته خلاص ونام ، دخل ايمن من باب العمارة على انه عامل دليفري ده طبعا اذا حد سأله ، وطلع الشقة اللي المفروض هيسرقها وكانت في الدور الرابع، حاول يفتح الباب وبالفعل فتحه ودخل الشقة وهو معتقد ان الست صاحبة الشقة نايمة ، وكانت الشقة مضلمة طلع ايمن كشاف علشان ينوره ويحاول يدور على حاجة يسرقها ، واول ما ولع أيمن الكشاف اتفاجئ بالست قعدة في وسط الصالة على كرسي وكانت بتصلي قيام الليل، ارتبك ايمن ومكنش عارف يعمل ايه بس طبعا لانه بطبيعته مسالم مكنش عاوز يأذي الست والغريبة ان الست كملت صلاتها عادي جدا ولما خلصت وسلمت دورت وجهها ناحية ايمن وبكل هدوء سألته انت جاي هنا عاوز ايه يا ابني.
اتفاجئ ايمن ووقف في ذهول وبعدين قالها هو انت مش هتصرخي وتلمي العمارة وتقولي امسك حرامي وتسلميني للشرطة، ردت الست قالتلته وكانت اسمها كريمة زي ما عرف منها ايمن بعد كدة قالتله أنا ست كبيرة لا اقدر اصرخ ولا حتي الم الناس زي ما بتقول وانت لو فعلا حد سيء مكنش وقف مذهول لحد ما أنا خلصت صلاة ، وكان اكيد اول حاجة هيفكر فيها يدور على اي حاجة يقتلني بيها وانا بصلي.
بصلها ايمن وقال لها والله انا فعلا مش حرامي و مفيش حاجة زقتني على الشغلانة دي إلا الحوجة للقمة العيش
قالتله الست كريمة لكن ده مش مبرر انت ممكن تشتغل أي شغل حلال، قعد ايمن ادام الست كريمة وحكى لها حكايته كلها، وهي كمان حكت له انها ازاي كانت ست لها مركزها وكانت مديرة لمدرسة ثانوي بس طلعت معاش وانها لها اربع اولاد من يوم ما طلعت ع المعاش مبتشفش حد منهم غير تقريبا كل سنة لا سنتين مرة وان زوجها توفى من زمان وانها عايشة لوحدها، وقالت له انها معندهاش حاجة تتسرق لكن هي مستعدة تسيبه يروح لحاله لو وعدها انه مش هيسرق تاني ، وفعلا أيمن وعدها بكدة وقبل ما يمشي قالتله
انا هديلك حاجة غالية عليا جدا تقدر تبدأ بها حياتك بس عاوزة منك حاجة واحدة بس في المقابل.
رد ايمن قالها اطلبي مني اي حاجة انا تحت امرك من غير اي شيء كفاية طيبتك دي معايا
راحت الست كريم خالعة من رقبتها سلسلة دهب وقالتله تقدر تبيعها وتبدأ بها أي مشروع
رد ايمن قالها وايه المقابل
قالتله متسبنيش اموت لوحدي
بكى ايمن من كلامها اخد السلسلة وفعلا باعها وبدأ بها مشروع صغير لعربية اكل صغيرة وبعد عن سكة عمرو والسرقة نهائي واخد اوضة صغيرة قريبة من الست كريمة وكان يوميا يخلص شغله ويروح يسأل عليها ويقضي طلباتها ، فات على الوضع ده خمس سنوات وايمن مش بيفوت يوم عليه من غير ما يزور الست كريمة والغريبة أنه ولا مرة شاف حد من ولادها ، لحد ما في يوم قابلت الست كريمة وجه رب كريم وكانت سايبة مع ايمن رقم الدكتور بتاعها عشان لو حصلها اي حاجة يكلمه ، وفعلا كلم الدكتور وجه الدكتور وبلغ اولادها واختفى ايمن اللي مكنش حابب يقابل اولادها وحضر جنازتها وعزاها بس من بعيد ، واولادها بعد العزا كان كل همهم يقابلوا المحامي بتاع والدتهم طبعا علشان الميراث وكانت المفاجأة، المحامي بلغهم ان والدتهم سابت لهم وصية متتفتحش غير في وجود ايمن وطبعا هما ما يعرفوش مين ولا فين ايمن ده فضلوا مدة يدوروا على ايمن لحد ما دلهم عليه البواب وفي مكتب المحامي كانت الصدمة الست كريمة وصت بكل ثروتها التي تتخطى عشرة ملايين جنيه والشقة التي تسكنها ،التي كانت لا يعلم بها ايمن ولم تخبره عنها حتى تتأكد أنه يسأل عنها حبا وليس طمعا في مالها اعترض الاولاد ولكن أخبرهم المحامي ان هناك رسالة مع الوصية مكتوبة من الست كريمة قالت لهم فيها كان أيمن معي حين غبتم، ورعاني حين اهملتم، ولم ينتظر موتي ليرثني مثلكم فكان أحق بالميراث منكم. تمت
سحر أبوالعلا
#السلطانة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى