قضايا وحوادث

اطفال مجرمون

اطفال مجرمون.                                                                      بقلم الاستاذ محمد الحاني.                                              نائب رئيس القسم القانوني بادئ ذي بدء تحديد المسؤليه الجنائية للطفل الحدث من المسائل القانونيه التي ثار الجدل حولها ولكن كانت التشيرعات والانظمه الوضعية حريصه على سن القوانين والاحكام الخاصه بهم مع مراعاه سنهم ومستوى تفكيرهم ومن الجدير بالذكر ان الشريعه الاسلامية هي التي وضعت قواعد هذا الاهتمام واسسه حيث فرقت بين الصغير والطفل والبالغ في المسؤليه الجنائية نظرا للتفاوت الذي نتج عنه تفاوت في القصد الي الامور وتقدير نتائجها وفي هذا المقال سوف نستعرض مراحل التطور التاريخي لتشريعات الاحداث في مصر بعد استعراضنا لمعنى المسؤليه الجنائية
• اولا :- معنى المسئولية الجنائية :-
تعرف المسئوليةالجنائية بأنها ثبوت نسبة الجريمة إلى المجرم الذي ارتكبها وهو مدرك لمعانيها
• ونحن نرى ان المسؤليه من لوازم الحياة فحينما كان الانسان كانت مسؤليتة وتلك المسؤليه هي الضابط مع نفسه او مع غيره او مع وطنه او مع ربه …الخ
فا أن اساس المسؤليه الجنائية هو حرية الاختيار . هذه الحرية تفترض توافر التميز والادراك لانه من غير المتصور أن تتوافر حرية الاختيار كاملة لدى من تنتقص لدية ملكة التميز والادراك .. فالمسؤليه الجنائية تنعدم أو تنقص بفعل العوامل التي تؤثر في التميز والادراك .
وقد حددت المادتان 61 ، 62 من قانون العقوبات المصري الاسباب التي يترتب على توافرها امتناع المسؤليه الجنائية لانتفاء الادراك او حرية الاختيار بسبب الاكراه او حاله الضروره التي يوجد فيها مرتكب الجريمة
والماده 62 في فقرتها الاولى تنفي المسؤليه الجنائية لانعدام الادراك او التميز بسبب الجنون و عاهه العقل
اما الفقره الثانيه من الماده 62 فأنها تقرر أمتناع مسؤليه من ارتكب الفعل وهو في حياله غيبوبه اضرارايه
• ويستخلص من نصوص القانون امتناع المسؤليه الجنائية لانعدام التميز الراجع الي حداثه سن مرتكب الفعل الذي يجرمه القانون
• نحن نرى ان المسؤليه الجنائية ترتبط بالسن فتنعدم او تنقص او تكتمل تبعا للمرحله العمرية للشخص
من اجل ذالك ينبغي ان نحدد احكام مسؤليه الصغار في السن السابقه على سن اكتمال المسؤليه الجنائية .
فاارتباط المسؤليه بالسن حقيقه تؤكدها العوامل الطبيعيه فمناط المسؤليه هو التميز الذي يعد شرطا اوليا حتى نستطيع القول بتوافر حريه الاختيار بفعله او انعدمها بخلاف ان هذا التميز يتأثر بعوامل مختلفه فابعضها عارض شاذ مثل المصاب بعاهه عقليه او متأخر عقليا وبعضها طبيعي يرتبط بالمرحله العمرية التي يمر بها الانسان من حياته .
• ثانيا :- مراحل التطور التاريخي لشريعات الاحداث في مصر الذي بدأ من بدايه القرن التاسع عشر وقبل هذا التاريخ كانت احكام مسؤلية الصغار في الشريعه الاسلامية هي الواجبه التطبيق
• اولا احكام مسؤليه الصغار في الشريعه الاسلامية :-
المسؤليه الجنائيه في الشريعه الاسلامية مناطها التميز والاختيار والتميز يتدرج تبعا للمرحله العمرية التي يمر بها الانسان منذ والدته الي ان يكتمل تميزة ولهذا تندرج المسؤليه الجنائية الي ثلاث مراحل
1. مرحله انعدام التميز
وتبدأ من الولاده حتى سن السابعه بأتفاق الفقهاء وفي هذه المرحله تنعدم المسؤليه الجنائية فقط للصغير فلا توقع عليه عقوبه جنائية حدا كانت او قصاصا او تعزيرا
2. مرحله نقص التميز
وتبدأ من سن السابعه حتى سن البلوغ وهي خمسه عشر عاما في رأي غالبيه الفقهاء وثمانيه عشر عاما في رأي بعضهم وفي هذه الحاله لا يسأل الصبي المميز جنائيا ولا تطبق عليه العقوبات الجنائيه المقرره للبالغين ، انما يسال مسؤليه تأديبيه وتوقع عليه العقوبات التأديبية بغرض الاصلاح والتهذيب
3. مرحله اكتمال التميز
وتبدأ من سن البلوغ اي الخامسه عشرة او الثامنه عشرة وفي هذه المرحله يسال الانسان جنائيا مسؤليه كامله عن كل الجرائم التي يرتكبها ، وتطبق عليه العقوبات المقرره لهذه الجرائم حدا او قصاصا او تعزيرا
• ثانيا :- تطور المسؤليه الصغار في التشريع المصري :-
بدأت التشريعات المنظمه لمسؤليه الصغار في مصر منذ اوائل القرن التاسع عشر فا بالنظر الي قانون المنتخبات الصادر سنه 1826 كان اول التشريعات التي ميزت الصغير دون سن الثانية عشرة بأحكام خاصه اذا ارتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في القوانين الساريه في ذالك الوقت ويستفاد من الماده رقم 123 من هذا القانون ان الصغير دون هذا السن لايسال جنائا عن جرائمه وانما يسال مسؤليه تأديبيه توقع عليه العقوبات التأديبية المتمثله في ايداعه في الاماكن المخصصه للتربيه او تسليمة الي ابويه حسبما يقتضيه الحال الي ان يبلغ سن الثامنه عشر من عمره
• لكن الصور المنظمه لمسؤليه صغار السن الجنائية لم تتحقق بشكل كامل لم تتحقق الا بصدور قانون العقوبات سنه 1883 . وذالك ان هذاذ القانون ميز بين عمر الحدث وجعل المسؤليه متدرجه تبعا لنمو تميزية فحدد المسؤليه الجنائية بمراحل ثلاث
1ـ مرحله انعدام التميز
وتبدأ من الولاده حتى سن السابعه وفيها تنعدم المسؤليه الجنائية فقط للصغير فلا تقام الدعوى العموميه علية
2ـ مرحله نقص التميز
وتبدأ من سن السابعه ةتتنتهي ببلوغ الصغير سن الخمسه عشر عاما و في هذه المرحلة يسأل الصغير مسؤليه مخففة ويتحدد الجزاء الذي وقع عليه تبعا لحظه التمييز وقت ارتكاب الفعل . فأذا ثبت للقاضي أن الصغير قد قام بارتكاب جريمته المسنده اليه بغير تميز فلا يحكم عليه بعقوبه مطلقه وانما تحكم المحكمه بتسليم الصغير الي اهله او لمن يقبل ان يتكفل به من ذوى الشرف والاعتبار او من محلات الزراعه او الصناعه او التعليم عموميه كانت او خصوصيه الي ان يبلغ سن العشرين ، واما اما اذا ثبت للقاضي ان الصغير قد ارتكب جريمتة بتميز وقع عليه العقوبه العادية مع تخفيفها وجوبا ، ففي الجنح مثلا يحكم عليه بعقوبه لا تزيد عن ثلث العقوبه غالمقرره قانونا في القانون للبالغ
3ـ مرحله اكتمال التمييز :- وتبدأ سن الخامسه عشرة وهي مرحله الرشد الجنائيي وفيها يسال جاني مسؤليتة كامله عن كل ما يرتكبه وتبأ ببلوغ الصغير سن الخامسه عشر عام وهي مرحله الرشد الجنائي وفيها يسال الجاني مسؤليه جنائيه كامله عن كل ما يرتكبه من جرائم
• ولما صدر قانون العقوبات سنه 1904 عدل احكام مسؤليه الصغار وابقى منه الماده الخاصه بانعدام التميز وبالتالي انعدام المسؤليه الجنائيه لمن يبلغ سن السابعه واما فيما يتعلق بالمرحله الثانيه وهي مرحله التميز الناقص وهي من سن السابعه حتى سن الخامسه عشر ومسؤليته الجنائية فاترك المشرع سلطه تقديريه للقاضي في خياره بين ان يحكم عليه بالعقويه العاديه مع تخفيضها وجوبا في الجنايات الي عقوبه الحبس في حدود معينه او ان يحكم عليه باحدى العقوبات التأديبيه التي تم استعراضها سابقا
• ثم صدر بعد ذالك قانون 1973 ونص على الاحكام المتعلقه بمسؤليه الاحداث في المواد من 64 الي 73 وقد قسم هذا القانون حياه الانسان الي خمس مراحل :-
– المرحله الاولى :- من الميلاد الي سن السابعه وهي مرحله انعدام المسؤوليه الجنائية
– المرحله الثانية:- من السابعه الي الثانية عشر وفيها لال توقع العقوبات العادية وانما تتخذ قبل الحدث تدابير تقويميه تختلف في الجنايات والجنح عنها في المخالفات
– المرحله الثالثة :- من الثانيه عشر الي الخامسه عشر يكون القاضي امام خيارين اما ان يوقع العقوبه العاديه مع تخفيفها وجوبا في الجنايات او ان يتخذ من شأنه التدابير التقويميه التي يقدر كفايتها
والمرحله الرابعه :- من الخامسه عشر الي السابعه عشر وهي مرحله المسؤليه الكامله بكل ما تستوجبه من عقوبات ايا كان نوعها
• وقد صدر بعد ذلك قانون الاحداث رقم 31 لسنه 1974 الذي جمع بين القواعد الموضوعيه والاحكام الاجرائية الخاصه بمعامله الاحداث ونصت الماده 53 من هذا القانون على الغاء المواد من 64 الي 73 والخاصه بالمجرمين الاحداث من قانون العقوبات والمواد من 343 الي 364 الخاصه بمحاكمة الاحداث من قانون الاجراءات الجنائية … وكانت اهم الاحكام الموضوعيه التي استحدثها قانون الاحداث لسنه 1974 رفع سن الرشد الجنائي من سبعه عشر عاما الي ثماني عشر سنه ميلاديه كامله
• واخيرا صدر قانونالطفل الجديد رقم 12 لسنه 1996 متضمنا تنظيم المعامله الجنائية للاطفال المجرمين او المعرضين للانحراف . وبصدور هذا القانون الغي قانون الاحداث رقم 31 لسنه 1974 الغاء ضمني سواء في ذالك احكامه الموضوعيه او الاجرائية
• وقد وردت الاحكام الخاصه بمعامله الاحداث من الباب الثامن من قانون الطفل الجديد تحت عنوان ( المعامله الجنائية للاطفال ) ويشتمل هذا الباب على المواد من 94 الي 143 من القانون ونصت الماده 143 على تطبيق الاحكام الوارده في قانون العقوبات وقانون الاجراءات القانونيه فيما لم يرد به نص في الباب الثامن من قانون الطفل وسوف نقتصر على استعراض تدرج المسؤليه لمراحل السن التي وردت في قانون الطفل الجديد
– المرحله الاولى :- من الميلاد الي سن السابعه يعتبر في القانون عديم التميز غير اهل لمباشره حقوقه المدنيه كما انه غير مسؤل من الناحيه الجنائية .. ومن الجدير بالذكر ان سن التميز لا تختلف في القانون الجنائي عن القانون المدني ( راجع الماده 45/2 من التقنين المدني ) لكن سن الرشد هي التي تختلف في القانون الجنائي عن القانون المدني
– المرحله الثانية :- من سن السابعه الي بلوغ الطفل سن الخامسه عشر من عمره اعتبر القانون هذه المرحله ان الصغير مميز فلا يجوز فيها توقيع العقوبات العادية وانما توقع فيها العقوبات او التدابير المنصوص عليها في ققانون الطفل وهي نص القانون الطفل على أن يحكم على الطفل الذى لم تجاوز عمره 15 سنة ميلادية كاملة إذا ارتكب جريمة، بأحد التدابير الآتية : التوبيخ او التسليم لاحد ابوية . او الإلحاق بالتدريب والتأهيل . اوالإلزام بواجبات معينة اوالاختبار القضائى يكون بوضع الطفل في بيئته الطبيعية تحت التوجيه والإشراف مع قيامه بالواجبات التي تحددها المحكمة والتي يقترحها المراقب الاجتماعي .
تحديد مدة الاختبار القضائي ، موجه إلى سلطة التنفيذ لا الحكم وهي التي تحدد وقت انقضائه متى تيقنت أن التدبير استوفى الغرض منه .
التدبير لا يقاس بجسامة الجريمة أو درجة مسئولية مرتكبها ، وإنما بمدى الخطورة التي تهدد الطفل وقدر حاجته إلى التأهيل وإعادة اندماجه في السياق الطبيعي للمجتمع .. اوالعمل للمنفعة العامة بما لا يضر بصحة الطفل أو نفسيته، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون أنواع هذا العمل وضوابطها . او الإيداع فى أحد المستشفيات المتخصصة . اوالإيداع فى إحدى
– المرحله الثالثه :- من الخامسه عشر حتى الثامنه عشر وفيها تختلف العقوبات المقرره اصلا للجريمه اذا كانت جناية
حيث نص المادة 111 من قانون الطفل تنص على أنه “لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، ومع عدم الإخلال بحكم المادة (17) من قانون العقوبات، اما إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بأحد التدابير السبعة المشار إليها، أما إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جنحة فيعاقب عليها بالحبس ويجوز للمحكمة، بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها، أن تحكم بأحد التدابير المشار إليها، بمعنى أنه لا يحكم عليه بالإعدام أو السجن المشدد أو المؤبد ولكن يحكم عليه بالسجن حد أقصى 15 سنة وبالتالي أقصى عقوبة سيواجهها المتهم بالقضية الحالية هى 15 سنة.
• ونحن نرى ان الواقع ان مشكله الاحداث المنحرفين والاطفال المجرمين تعد ظاهره اجتماعيه اكثر منها مشكله قانونيه . ويتطلب حل هذه المشكلة توفير الرعايه الاجتماعيه للاحداث وتهيئه الطروف الملائمه لوقايتهم من الانحراف وعلاج اوجه الخلل التي تدفعهم في سن مبكره الي سلوك سبيل الانحراف والاجرام
مراجعة المستشار/ هشام شبيطه رئيس القسم القانوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى