المقالات

٤٠ دقيقه فاصله تزلزل كيانك لتولد من جديد

 

٤٠ دقيقه فاصله تزلزل كيانك لتولد من جديد

كتبت د. نجوان حسنى

جهاز IRM او ما يسمى ب‏جهاز الرنين المغناطيسي المغلق تجربة حياتية لن تخرج بعدها كما دخلت قلبا وشعورا ، وكيانا
40 دقيقة وأنت مستلق على ظهرك ، مكان مظلم ضيق بارد … لا يتحرك منك أي شيء ، صمت لا يقطعه إلا ضجيج الآلات …
لا تفتأ حينها تستحضر فكرة دخول القبر ، وتستشعر شيئاً من تفاصيله …
يروى أحد الأشخاص عن تجربته كنت أظن الأمر سهلا لا يستحق التهويل والمبالغة ، فدخلت
ولم يمض من الوقت إلا شيء يسير أظنه 10 دقائق ، إلا وأنا بوحشة شديدة تجتاحني ما شعرت بها في عمري كله ،
نفد صبري ، وضاقت نفسي التي بين جنبيّ وأنا أواجهها ، أفكر في عملي وما قدّمت لحياتي.
فعزمت أن أقرأ ما يتيسر لي من محفوظي وأُهدئ روعي بالقرآن ، وأنا مستلقٍ لا أسمع ولا أرى أي شيء
فبدأت مستعيناً باللّه بالفاتحة ثم البقرة ،
وصلت لمنتصف الجزء الثاني ، وإذا بحفظي يتهاوى ويتداخل ، ونسيت الآيات
حيلتي عاجزة لا مصحف أعود إليه ولا سبيل لمراجعة محفوظي أبدا !
إعتراني خوف شديد لا يعلم به إلا اللّه
وما استشعرت حينها شيئاً كلحظة الموت ومآلي إلى القبر ، وتخيلت نسياني لمحفوظي هناك … ويا حسرة !
حفرة ضيقة أكثر ، بقائي فيها مضاعف دهرا طويلاً إلى أن يشاء اللّه … لا أنيس لي فيها ولا سعة إلا بعملي … ولا عودة لتصحيح ما مضى !
أخذت أتأمل :
إن كان هذا أمري الآن … فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟؟
كيف لي أن أقف في مصاف الحفاظ ، يقرأون ويرتلون ويرتقون في مراتب الجنة … بينما أنا غافل لاه قد وهبني اللّ القرآن ثم فرطت فيه في حياتي أيما تفريط وأهملت
معاهدته وتفلت ؟؟
يا حسرة تساوي العمر أجمع !
=‏ خرجت من هناك وركبت سيارتي وبدأت بالبحث عن المصحف، إحتضنته وأنا أدافع العبرات … وأتحسس ملمسه ككنز ثمين فقدته طويلا

استشعرت حينها أن مرضي ، والتشخيص ، والفحوصات ، والأشعة … كلها ما كانت إلا لأعيش تلك اللحظة.
أيقنت أنها البداية الحقيقية … وأن عمري محسوبٌ بما بعدها.

العمر فرصة لا ضمان لبقائها … تزوّدوا من العمل ، ثبّتوا محفوظكم ، أتقنوا القرآن واجمعوه في صدوركم قبل أن ترفع المصاحف أو تخرج الروح … ولا ينفع حينها ندم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى